بعد دراسة العروض المقترحة لهندسة البناء، تمّ اختيار المشروع المقدّم من المهندسين أنطوان نحّاس وبيار لوبرينس-رينغي. وقد استغرقت الأشغال سبع سنوات امتدّت من العام 1930 ولغاية العام 1937. وتمّ تدشين المتحف في 27 أيّار العام 1942 في حضور رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة ألفرد نقّاش.
في العام 1937، قرّر حافظ المتحف آنذاك، الأمير موريس شهاب، أن يكون المتحف الوطنيّ مكانًا تُعرض فيه كل المكتشفات الأثريّة في لبنان. في العام 1975، ومع اندلاع الحرب الأهليّة في لبنان، أغلق المتحف أبوابه أمام الزوّار بانتظار عودة الهدوء. لكنّ الحرب طالَت، وأصبحت طريق الشام خطًّا يفصل بين شطريّ بيروت، وبات المتحف الوطنيّ أشبه بثكنة لعناصر مسلّحة. في ظلّ هذا الواقع قام الأمير موريس شهاب خلال فترات وقف إطلاق النار، بإخفاء القطع الصغيرة الّتي كانت معرّضة للنّهب أو للسّرقة في مستودعات الطابق السفليّ الّذي أحيط بجدران من الاسمنت المسلّح لحمايتها. وفي الطابق الأرضيّ، غطّيت قطع الفسيفساء المركّزة في الأرضيّة بطبقة من الإسمنت، في حين أخفيت القطع الكبيرة المتعذّر نقلها- كالنواويس والتماثيل- بأكياس رمليّة تمّ استبدالها في العام 1982 مع تأزّم الوضع بقوالب خشبيّة تعلوها طبقة من الإسمنت المسلّح.
عند انتهاء الحرب في العام 1991، كان الخراب هائلًا في المتحف وفي المديريّة العامّة للآثار. بدا المتحف الوطنيّ كجرح ينزف: مياه الأمطار تتسرّب من السقف والشبابيك المخلّعة ، والجدران تحمل آثار القذائف من ثغرات وفجوات إضافة إلى كتابات المسلّحين...أمّا على صعيد القطع الأثريّة، فكان الوضع خطيرًا نظرًا لارتفاع درجات الرطوبة داخل المستودعات على مدى 15 عامًا، وعدم توافر شروط الحفظ الملائمة. من جهة أخرى، أتى حريق، ناتج عن قصف المبنى الملاصق للمتحف، على قسم كبير من أرشيفه (خرائط، صور، إضبارات...) وأتلف حوالى 45 صندوقًا من القطع الأثريّة إضافة إلى تجهيزات المختبر بكاملها. وكانت البداية من الصفر.
إعادة التأهيل والترميم
تركّزت الأعمال بين العامين 1995 و1997، على إعادة تأهيل مبنى المتحف (الإنارة، التكييف، الصوت، نظام الحماية، تركيب المصاعد، تركيز الواجهات، تجفيف طبقة المياه الجوفيّة، إضافة إلى توثيق القطع الأثريّة وترميمها). أتى هذا التأهيل نتيجة تضافر جهود وزارة الثقافة والمديريّة العامّة للآثار والمؤسّسة الوطنيّة للتراث. وفي 25 تشرين الثاني 1997، دشّن رئيس الجمهوريّة الياس الهراوي المتحف الّذي عاد مجدّدًا لاستقبال الزوار، وإنّما فقط في الطابق الأرضيّ وقسم من الطابق السفليّ بالتوازي مع استكمال أعمال التأهيل فيه (تجفيف طبقة المياه الجوفية، ترميم الممرّين في الطابق الأول). كان الهدف من هذا الافتتاح الجزئيّ إعادة الصلة بين المجتمع اللبنانيّ وماضيه، وقد أتاحت هذه المناسبة للزوّار تقدير ما نفّذ من أشغال وتقدير ما تبقّى من جهود لكي يضاهي المتحف الوطني المتاحف العالميّة الكبرى.
في تمّوز 1998، أغلق المتحف أبوابه من جديد لإنجاز ما بقي من أعمال بما يلبّي متطلّبات المتاحف الحديثة. وأعيد افتتاحه نهائيًّا في 8 تشرين الأوّل 1999، برعاية رئيس الجمهوريّة العماد إميل لحّود. وقد عرضت فيه أكثر من 1300 قطعة أثريّة من فترات مختلفة بدءًا من عصور ما قبل التاريخ وصولًا إلى الحقبة العثمانيّة.
في العام 2011، افتتح «مدفن صور» في الطابق السفليّ من المتحف الوطنيّ بعد أن كان قد تمّ ترميم الجداريّات العائدة إلى القرن الثاني ميلاديّ بدعم من السفارة الإيطاليّة في لبنان بهدف إبراز هذا المعلم الرومانيّ.
وفي العام 2013، افتتحت في الطابق الأرضيّ من المتحف الوطنيّ «صالة موريس شهاب» (تقديرًا لأوّل مدير عام للآثار في لبنان)، وعُرِضَت فيها مجموعة من التماثيل والمذابح والفسيفساء من الفترة الكلاسيكيّة حتى الحقبة البيزنطيّة.
Location: https://goo.gl/maps/Rv7NLBiDXuKwkKbt6