دير مار الياس - لحفد

يقع دير مار الياس في قرية لِحفد، قضاء جبيل، التي يعود اسمها الى اللغة الآرامية، وهو مُركّب من "لحف" و"آد"، الذي يُعطي معنى "لحف حادّ" كما هي الطبيعة الجغرافية لتلك المنطقة، وهو يُعرف اليوم  بـ "شير العاميّة" الذي يعني، كما جاء في بعض المدوَّنات، "قهر عتيقاً" أي القرن العتيق، والقرن هنا بمعنى الجَبل، وفي العربيّة "جبل قاهر" تعني "جبلاً شامخاً".  لكنَّ للباحث الدكتور أنيس فريحة رأياً آخر بالنسبة الى اسم "لحفد"، إذ يُرجّح أن يكون مُحرَّفاً عن "لفحد" ويتكوَّن من مقطعين : المقطع الأول حرف اللام، الذي قد يكون بقيَّةً من EL اي الله، والمقطع الثاني "فحد" اي الخوف والهلع. فيكون معنى الاسم في هذه الحالة إمّا "الله" او "رهبة الله". كما يذهب الدكتور فريحة بِتَحفُّظ الى أن أصل الاسم قد يكون مُشتقاً من الآرامية ويعني "الله سُرَّ وابتهج ورضيَ".

 

وهذا الدير كان كُرسيّاً بطريركياً لفترةٍ من الزمن، ويُعتبر أعظم أديار هذه القرية شأناً لأن ابنها البطريرك يوحنا اللحفدي (1151-1154) سكنه في أواسط القرن الثاني عشر، وبالتحديد سنة 1151 أي سنة تولّيه، وعلى يده انتقل الكرسيّ البطريركيّ الى هذا الدير. وهذا البطريرك يُعْرَف باسم "يوحنا السابع"، وقد خلف البطريرك يعقوب الراماتي على الكرسيّ البطريركي الذي كان آنذاك في دير سيّدة إيليج، وفي أيامنا هذه لم يَعُد من أثر لهذا الدير سوى كنيسته الصغيرة المُكرّسة على اسم مار الياس.

 

وبهذا الصَدد يورد الدكتور كريستيان الخوري، في كتابه "العذراء مريم في لبنان"، الجزء السابع، ما يلي: "يسمّي السكان المكان "دير مار الياس"، وهو كان كرسيّاً بطريركياً سكنه البطريرك يوحنّا اللحفدي في أواسط القرن الثاني عشر. ولم يبقَ من الدير الآن سوى الكنيسة الواقعة على مُرتفع قرب سِنديانة دَهريّة شكلها مستطيل، ورُبعها تقريباً غارقٌ في تَلْعَةٍ. طولها الكنيسة 7 أمتار، وعرضها 5 أمتار، سوق واحدة، عقد مصالب واحد، بحَنيّة شَرقيّة مُنبَسطة ومُرتفعة، تَتَوسّطها لوحة رسم يَدّ لمار الياس من عَمل كنعان ديب. من الخارج فهي من الحجر، وترتفع في زاويتها الجنوبيّة الغربيّة قبّة الجَرس، وفي وسط ساكِف الباب الغربيّ نُقِشَ صليب ضُمن مربّع أضلعه متساوية".

 

وقد وَرَدَ في "سِلسِلة البطاركة" للدويهي التي عُني بنشرها المعلّم رشيد الشرتوني :"مَلِكَ الكرسيّ يوحنا اللحفدي من بلد جبيل، وهو رجل ذو مكارم وفصاحة كما هو واضح من نافور القدّاس الذي باسمه، والذي يبدأ بعبارة "أيها الله القدّوس". وتُخبر عنه التواريخ القديمة انه اتخذ سكناه في دير مار الياس بقرية لحفد، وسام أربعة مطارنة لإنجاده في سياسة الشعب، فسكن أحدهم في دير مار حوشب، والثاني في دير مار سمعان، والثالث في دير مار إليشاع والرابع في دير السيّدة بالقرية المذكورة".

 

ويقول الأب ضو في كتابه "تاريخ الموارنة" أن هذا البطريرك تابع بناء دير وكنيسة سيّدة إيليج، وهو الوارد اسمه في كتابة الشبّاك الشمالي منها بعد اسم يعقوب. ويوحنا هذا كان بطريركاً في السنة 1154 حَسبَ ما جاء في حاشية مُدوَّنة في إنجيل رابولا الذي كان بحوزة البطاركة في إيليج وقنوبين وهو الآن في المكتبة الماديشية في فلورنسا بإيطاليا، وهذا نص هذه الحاشية : "لمّا كان تاريخ سنة 1465 لليونان (1154م) هو ثامن يوم مضى من ايلول حضر الى عندي، أنا بطرس بطريرك الموارنة الجالس على الكرسيّ الأنطاكي القاطن بدير سيّدة ميفوق في وادي إيليج، الولد الراهب أشعيا من دير قزحيا وعملته رئيساً على الرهبان القاطنين في دير مار يوحنا، دير الكوزبند بجزيرة قبرس، حسبما ورد من الأولاد الرهبان بخط أيديهم وهم الولد الراهب جبرائيل ورفيقه الراهب شمعون والراهب حبقوق والراهب ميخائيل، وللرب المجد.. آمين".

 

وهذا ما يَذكُرَه المطران يوسف الدبس أيضاً في "الجامع المُفصَّل في تاريخ الموارنة المؤصَّل"، إذ يقول أن البطريرك بطرس الذي هو يوحنا اللحفدي عَلّقَ على كتاب الأناجيل القديم الخط، ويَقصُد به إنجيل رابولا، كما يذكر حضور الراهب إشعيا، من دير قزحيا، إليه وترئيسه على دير القديس يوحنا في كوزبند في جزيرة قبرص.

 

ويقع دير مار الياس هذا قرب عين مار الياس في أعالي القرية لجهة الشرق، وقد ذكره العلاّمة السِمعاني في رسالته الى الرهبان المطبوعة في "كتاب القوانين" في روما سنة 1735 وَعَدَّه بين الأديار الِلحفدية الأربعة " التي سكنها آباؤنا المشهورون بالعبادة".. قائلاً: "سَلَكوا على هذه الضيعة آباؤنا القدماء المَشهورون بالأمانة الرسولية والتقوى والعبادة الحقيقية في الديار الفونيقية والبلاد اللبنانية.. بالديورة المورود ذكرها في التواريخ، وهي دير مار الياس، ودير مار سمعان، ودير مار إليشاع، ودير السيّدة بقرية لحفد". ولم يذكر السمعاني دير مار حوشب. ولكنَّ الدكتور خيرالله غانم، وهو من قرية لِحفد ويُعنى بتاريخها، كما يُعنى بوقف الدير المذكور،  يُعطي تفاصيل أكثر عن الأديار الثلاثة التي ذكرها السمعاني الى جانب ذكره دير مار الياس مُضيفاً إليها دير حوشب، ويشرح لماذا هذه الأديار تَكتَسِب أهميةً خاصة، وهو أنها كذلك لأن البطريرك يوحنا اللحفدي وزَّع عليها جملةً من الأساقفة أَوكل اليهم إدارة شؤون الطائفة بعقلية منهجية من أجل صالحها العامّ.. خلافاً لما كان عليه سابقوه، وهذه الأديار هي كلها في مَنطَقة لِحفد. بناءً على ذلك، يكون يوحنا اللِحفدي، بعمله هذا، أول بطريرك يُنظّم البطريركية المارونية ويجعل منها مؤسسة.

 

إلا أن هذا البطريرك لم يداوم السكن في لِحفد، بل قضى شطراً من زمن ولايته البطريركية القصيرة ( دامت حبريته ثلاث سنوات من 1151 الى 1154) في دير سيّدة إيليج - ميفوق وشطراً في دير السيّدة بقرية هابيل، لكنه عاد الى دير سيّدة إيليج وتوفي فيه سنة 1154. ويوضِح الدويهي مُلابسات انتقاله الى هابيل بقوله :"لمّا كان عيد العنصرة حضر إليه شعب كثير مع شَمامِسَة وكهنة ورهبان ورؤساء كهنة، فانتقل من ديره الى دير السيّدة الذي فوق هابيل، وهو موضع مِعطاش، فما زال يشرب من مياه البواليع حتى بنى فيه بئراً وأنشأ ديراً جليلاً".

 

وفي نبذة عن "المَجمَع الإقليمي الذي عُقد في جبل لبنان نَجِد "أن الكرسيّ البطريركيّ الماروني الذي مرّ بعدّة إنتقالات كان في المرّة الثالثة في دير سيّدة ميفوق، فانتقل منه الى دير القديس الياس في لِحفد من أبرشية جبيل، حيث استقرّ يوحنا اللِحفدي خليفة يعقوب ونقل الكرسيّ الى دير السيّدة في هابيل من أبرشية جبيل عينها".

 

وهذا البطريرك، الذي هو السابع بهذا الاسم، هو البطريرك الثامن والعشرون في سِلسِلة الأب صفير والرابع والعشرون في سِلسِلة البطريرك بولس مسعد المُحَقَقة بقلم الخوري ناصِر الجميّل، وهو البطريرك التاسع والثمانون بعد القديس بطرس.

وذكر المطران اسطفانس عواد، في فهرست المكتبة المديشية، في الصفحة السادسة عشرة، في معرض الكلام عن كراسي بطاركة الموارنة، إنه في دير القديس الياس في قرية لِحفد من بلاد جبيل جلس البطريرك يوحنا اللِحفدي خليفة البطريرك يعقوب الراماتي.

بينما ذكر المؤرِّخ الخوري منصور طنوس الحتّوني في "نبذة في المقاطعة الكسروانية"  أن هذا البطريرك أقام في دير سيّدة يانوح في العاقورا. وربما انتقل من كرسيّ القديس الياس في قرية لِحفد الى كرسيّ سيّدة يانوح في ما بعد، لأن المؤرخ المطران يوسف الدبس يَذُكر، نقلاً عن إسطفانس عواد المذكور، أن البطريرك يوحنا اللِحفدي (السابع بهذا الاسم) نقل الكرسيّ البطريركي إلى دير القديسة مريم في قرية هابيل من بلاد جبيل، ثم نقل الكرسيّ البطريركي ثانيةً إلى دير القديسة مريم في يانوح العاقورا من أبرشية البترون حيث جلس إرميا.

 

أما إنجيل رابولا الذي أشرنا إليه فقد لا يكون معروفاً كثيراً على غرار أناجيل القديسين الأربعة، لكن أهميته الدينية والثفافية كبيرة، ويُشكِّل جزءاً اساسياً من التُراث السرياني والماروني. هذا الإنجيل هو مخطوطة تتضمن الأناجيل الأربعة باللغة السريانية، وقد نسخها عام 586 الربان (الراهب) رابولا مع جماعة من رفاقه الرهبان في دير مار يوحنا في بيت زغبا الواقعة بين أنطاكية وحلب في شمال سوريا قرب "الرها"، يبلغ طولها 33 سنتيمتراً وعرضها 25، كُتبت بالخط الإسترنجيلي، وتحتوي على نسخة قديمة جداً لنص الأناجيل المعروف بـ"البسيطة  "(Pessito).

 

كما تَضُمُّ صوراً مُلوَّنة تمثّل أبرز الأحداث في حياة السيّد المسيح ومنها صورته على الصليب. وقد جاءت هذه الصور النفيسة والنقوش التي معها آيةً في الفن والابداع ومن أدق ما رسمته ريشة مُصوِّر، ومَن يتأملها يُدرك طبيعة الأسلوب الفني الذي جرى عليه التصوير في العصر البيزنطي ويلمس علاقته بفنون التصوير الجِداري في سوريا، خاصةً تِلك الجداريات التي وُجدت في دورا أربوس وهي في الصفحات الثلاثين الاولى من المخطوطة.

 

 دُعيت هذه النسخة "مخطوطة إنجيل رابولا" (وهي محفوظة في متحف ومكتبة فلورنسا) نسبة للراهب رابولا، او مار رابولا، وهو أقدم مُصوِّر سرياني وصلت آثاره إلينا، ويعود زمنه إلى النصف الثاني من القرن السادس، ونسخته هي أقدم مخطوطة دينية مسيحية في العالم تحتوي على صور يظهر فيها التاريخ واضحاً، حيث إنها تَضَمَّنَت أول مجموعة صور رسمتها اليد المسيحية تُمَثَّل العهدين الجديد والقديم.

 

وقد اعتبرت مَيّ عبود أبي عقل في دراسة لها أن "صورة المصلوب على الصليب في هذا الإنجيل هي الأولى من نوعها في العالم، ومنه انطلقت لتعلو المذابح والكنائس في العالم أجمع شرقاً وغرباً، ولتُزيّن البيوت والمؤسسات المسيحية على سطح الكرة الارضية بأسرها. ويحتوي هذا الإنجيل كذلك على أول صورة للعذراء ام الله "الهادية حاملة الطفل" على ما يؤكده الأب بطرس ضو في كتابه "التصوير الكنسي الماروني- إنجيل رابولا وصوره" المُضَمَّن في الجزء السابع من مجموعة "تاريخ الموارنة الديني والسياسي والحضاري".

 

 ويلفت جول لورا في كتابه "المخطوطات السريانية ذات الصور" إلى أن "هذه المخطوطة هي أقدم مَخطوطَة في العالم تَتَضَمَّن صوراً تاريخها مُدوَّن وواضح بطريقة أكيدة ثابتة، بينما بقية المخطوطات ذات الصور، سواء كانت سِريانية إو لاتينية أو بيزنطية يونانية أو غير ذلك، لا يُعرف تاريخها إلا بصورة إفتراضية تقديرية محضة بالإستناد إلى شكل الخط أو غير ذلك من الدلائل التي لا تولّد اليقين".

 

تنقَّل هذا الإنجيل بين أيدٍ وكنائس عدة: فَمِن دير مار يوحنا في بيت زغبا انتقل الى زائر إنطاكية الكاهن رومانوس، وبعد وفاته انتقل الى كنيسة مار جرجس في أنطاكية، وصار بعدها بِحوزَة بطاركة الموارنة في دير ميفوق في وادي إيليج، وعندما انتقلوا الى دير سيّدة قَنّوبين عام 1440 أخذوه معهم، وبقي هناك حتى 1652 حين إنتقل الى أوروبا وأصبح بحوزة إسرة كوازلان. ومن يد الى أخرى.. الى ان وصل الى مكتبة باريس الوطنية. ومنذ النصف الأول من القرن الثامن عشر أصبح في المكتبة اللورنسية في مدينة فلورنسا، وهناك اكتشفه المطران اسطفان عواد وأبرز كنوزه للعالم في كتابه "المخطوطات الشرقية" الذي وضع فيه جدولاً بالمخطوطات الموجودة في مكتبة ميديشي في فلورنسا، ومنها على سبيل المِثال الكلدانية والآرامية والسريانية والقبطية.. ومن جُملتها إنجيل رابولا، وقد طبعه في فلورنسا عام 1742 وبقي في المكتبة المذكورة، ومنذ ذلك الحين تناوله بالدرس والتمحيص والتحليل علماءُ الكتاب المقدس والليتورجيا والفن والتاريخ.

 

وبالتفصيل يعتبِر الخبراء إنجيل رابولا رائداً في فنّ التصوير المسيحي، ويظهر تأثره بالفن الفينيقي وأثره في الفن السرياني والبيزنطي الأوروبي. يتضمن بين صفحاته أحداثاً عدة من حياة المسيح وهي: انتخاب الرسول متيّا، أم الله، أمونيوس الإسكندري وأوسابيوس القيصري، بشارة زكريا، بشارة العذراء، ميلاد وعماد المسيح، قتل أطفال بيت لحم، عرس قانا الجليل، شفاء النازفة وابنة يائيروس، شفاء المرأة الحدباء والحديث مع السامرية، إقامة ابن أرملة نائين من الموت، التجلّي، شفاء الأعمى، يسوع والمرأة الكنعانية، يسوع يطرد الشياطين، يسوع يؤدّي جزية الهيكل، الإنجيليان متَّى ويوحنا، الإنجيليان مرقس ولوقا، مُعجِزتا تكسير الخبز والسمك، يسوع يشفي العرج والعميان والخرس والأشلاّء، دخول المسيح أورشليم ومناولة الرسل، خيانة يوضاس، انتحار يوضاس، يسوع أمام بيلاطس، الصلب والقيامة، الصعود، المسيح الملك، حلول الروح القدس على أم الله والتلاميذ يوم العنصرة.

 

وفي شرح لمحتويات اللوحات نَذكُر أن الفنان استخدم في لوحات هذا الإنجيل، الأزهار والأشجار والحمامة والطاووس والسمك والغزال والأغنام والحصان والديك والبط والعصفور والحجل، ولم يكن لها وظائف دينية بل كانت مُجرد وحدات زخرفية.

 

ولَعَلَّ من أجمل اللوحات التي جَسَّدت ملامح من حياة السيّد المسيح: "متى الرسول ـ الصلب والقيامة ـ الصعود ـ المسيح الملك ـ العنصرة". وتُعتبر صورة "الصعود" من الأعمال التصويرية الرائعة التي تمتاز بالتكوين المتين والصياغة الشكلية الناضجة التي تُظهر دقة الأشكال وحيويتها في التأليف بين العناصر الآدمية على نحو مثير للإعجاب والدهشة. واللوحة تنقسم إلى برزخين أحدهما سماوي علوي يضمُ موكباً للسيّد المسيح وهو يصعد إلى السماء وقد أحاطت به الملائكة في تشكيل متناظر، والبرزخ الآخر أرضي سفلي تتوسطه مريم العذراء وقد رفعت يديها نحو السماء وأحاط بها رسولان يوقفان تدفُّق الناس والأتباع من خلال كتلتين متوازيتين تنبضان بالحركة. وإذا كانت صورة المسيح إتخذت وضعاً جبهوياً إلى جانب الملائكة الذين يحيطون به فإن وجوه الرسل والأتباع إتخذت أوضاعاً متنوعة مائلة بإستثناء وجه العذراء الذي ظلّ في وضع جبهوي، وهذا ما يشير إلى قدرة الفنان في تنويع الأوضاع وإخضاعها للقيم الدينية، فضلاً عن القدرة التعبيرية التي تجلَّت في ملامح الوجوه وحركتها وتنوُّع الأزياء، وتناسب الأشكال وخضوعها للإعتبارات الواقعية بما في ذلك ثنايا الملابس التي برزت من خلال التظليل اللوني الذي لجأ إليه الفنان لإبراز البُعد الثالث المادّي إلى جانب البُعد الروحي، وهذا ما جعل إنجيل رابولا يُمثّل المَهد الأول للتصوير المسيحي الذي انتشر في العالم.

Location 

 

The Mar Elias Monastery is located in the village of Lehfed, in the district of Byblos. Its name is derived from the Aramaic language, and it is a compound of “Lahf” and “Ad”, which together mean “sharp quilt”, in reference to the sharpness of the geographical nature of that region. Today, the monastery is known as “shir al-ammiyah”, which means, as stated in some publications, “the ancient lofty horn”, in reference to the mountain on which the monastery is located. However, researcher Dr. Anis Freiha has another theory regarding the name “Lahfed”, as it is likely that it is a distortion of “Lafhad” and consists of two syllables: the first syllable is the letter Lam, which may be a remnant of EL meaning God, and the second syllable is “Fahd” which means fear and panic. The meaning of the name, in this case, is either "God" or "awe of God". Dr. Freiha also points out the fact that the origin of the name may be derived from Aramaic and means "God is pleased, and he rejoices."   s

 

This monastery was a patriarchal chair for some time, and it is considered the most important monastery in this village because Patriarch Youhanna al-Lehfedi (1151-1154), who was born in Lehfed, resided in it in the middle of the twelfth century, specifically 1151, the year of his accession. It is he who moved the patriarchal chair to this monastery. This patriarch is known as "Youhanna VII", and he succeeded Patriarch Yacoub al-Ramati on the patriarchal chair, which was at the time in the monastery of Our Lady of Elige. Today, nothing remains of this monastery except its small church dedicated to St. Elias. Dr. Christian El-Khoury, in his book “The Virgin Mary in Lebanon”, Part VII, states the following: “The residents call the place 'the monastery of Mar Elias'. It was a patriarchal see inhabited by Patriarch Youhanna al-Lehfedi in the middle of the twelfth century. Nothing remains of the monastery today except its church, located on a hill near an ancient oak, It is rectangular, and about a quarter of it is sunken in a levee. It is 7 meters long and 5 meters wide, with one arch, and a flat and high eastern apse, in the middle of which is a hand drawing of Mar Elias by Canaan Deeb. The exterior of the church is made of stone, with a bell dome rising in its southwestern corner, and in the center of the lintel of the western door, a cross is engraved within a square with equal sides

 

In “The history of Patriarchs” by al-Doueihy, which was published by the teacher Rashid al-Shartouni, one can read “Youhanna al-Lehfedi, from the district of Byblos, sat on the patriarchal throne.” It is said that he took up residence in the monastery of Mar Elias in Lehfed and designated four metropolitans to help him with the management of the affairs of his people. One of them lived in the monastery of Mar Hawshab, the second in the monastery of Mar Semaan, the third in the monastery of Mar Elisha, and the fourth in the monastery of Our Lady of Lehfed. Father Daou says in his book "The History of the Maronites" that this patriarch completed the construction of the monastery and the church of Our Lady of Elige, which is mentioned in the northern window of the church after the name of Yacoub. Youhanna was a patriarch in 1154, according to what was mentioned in a footnote recorded in the Gospel of Rabula, which was in the possession of the patriarchs in Elige and Qannoubine, and is now in the Medica library in Florence, Italy, and this is the text of this footnote: "On September 1st, 1465 (1154 AD) I, Peter, the Maronite Patriarch, who is seated on the Antiochian throne, residing in the monastery of Our Lady of Mayfouq in the valley of Elige, received the monk Isaiah from Monastery of Qozhaya, and made him head of the monks residing in the monastery of Saint Youhanna, in Koutsobentis on the island of Cyprus, and these monks were the monk Gabriel, the monk Simeon, the monk Habakkuk and the monk Michael. Glory be to God. Amen.” This is also mentioned in Bishop Youssef Al-Dibs’s book, as he says that Patriarch Peter, who is Youhanna Al-Lehfedi, wrote comments on the book of the old scripted Gospels, meaning the Rabula Gospel. He also mentions the presence of the monk Isaiah, from the monastery of Qozhaya, and his presiding over the monastery of St. Youhanna in Koustobentis on the island of Cyprus. This Mar Elias monastery is located near the spring of Mar Elias, at the top of the village, to the east. The scholar Al-Samani mentioned it in his letter to the monks printed in the “Book of Laws” in Rome in 1735 and considered it among the four Lehfed monasteries “inhabited by our fathers who were known for worship.” He said: “Our ancient fathers, who were famous for their apostolic fidelity, piety and true worship in the Phoenician lands and the Lebanese lands, walked on this estate, namely, the monastery of Saint Elias, the monastery of Saint Simon, the monastery of Saint Elisha, and the monastery of Our Lady in the village of Lehfed.” Al-Samani did not mention the monastery of Mar Hawshab

 

However, Dr. Khairallah Ghanem, who hails from the village of Lehfed and who wrote about its history, gives more details about the three monasteries that al-Samani mentioned besides mentioning the monastery of Mar Elias, adding to them the monastery of Hawshab, and explains why these monasteries are of special importance. According to him, they are particularly important because Patriarch Youhanna Al-Lehfedi assigned four bishops and entrusted them with managing the affairs of the sect systematically for the sake of its common good, unlike his predecessors, and each one of them lived in one of these monasteries which are all in the Lehfed region. Accordingly, Dr. Ghanem goes on to say that, by doing this, Youhanna Al-Lehfedi was the first patriarch to organize the Maronite Patriarchate and transform it into an institution. However, this patriarch did not reside in Lehfed but spent part of his short patriarchal tenure (1151-1154) in the monastery of Our Lady of Elige-Mayfouq and the monastery of Our Lady in the village of Habil, but he returned to the monastery of Our Lady of Elige where he died in 1154. In a summary of the “Regional Synod that was held in Mount Lebanon, we find that the Maronite Patriarchal See, which underwent several transitions, was on the third transition in the Monastery of Our Lady of Mayfouq, and moved from it to the monastery of St. Elias in Lehfed in the Diocese of Byblos. Then Youhanna al-Lehfedi, the successor of Yacoub, transferred the patriarchal seat to the monastery of Our Lady in Habil, in the same Diocese of Byblos

This patriarch, who is the seventh to go by this name, is listed as the twenty-eighth patriarch in the series of Father Sfeir and the twenty-fourth in the series patriarch Paul Massaad series, edited by the priest Nasser al-Gameel, and he is the eighty-ninth patriarch after Saint Peter. Bishop Stephen Awwad mentioned, in the Medicean Library Catalog, on page sixteen, in the course of talking about the chairs of the Maronite patriarchs, that in the monastery of St. Elias in the village of Lehfed in the area of Byblos, sat Patriarch Youhanna Al-Lehfedi, the successor of Patriarch Yacoub Al-Ramati. Historian Mansour Tannous al-Hatouni, however, mentioned in "A Brief about the District of Keserwan" that this patriarch resided in the monastery of Our Lady of Yanouh in Aqoura. Perhaps he moved from the seat of St. Elias in the village of Lehfed to the seat of Our Lady of Yanouh later, because the historian Bishop Youssef Al-Dibs mentions, quoting from Stephen Awad Al-Mazar, that the Patriarch Youhanna Al-Lehfedi transferred the patriarchal chair to the monastery of St. Mary in the village of Habil in Byblos, then again to the monastery of St. Mary in Yanouh al-Aqoura

 

As for the Gospel of Rabula, which we have referred to, it may not be as well-known as the Gospels of the Four Saints, but it is of great religious and cultural importance and it constitutes an essential part of the Syriac and Maronite heritage. This Gospel is a manuscript containing the four Gospels in the Syriac language. It was copied in 586 by the rabbin (the monk) Rabula and a group of his fellow monks in the monastery of Saint Youhanna in Beit Zaghba, located between Antioch and Aleppo in northern Syria near Edessa. Its length is 33 centimeters and its width is 25 centimeters. It is written in the Estrangelo script, and it contains a very old copy of the text of the Gospels known as the "Pessito". It also includes colored pictures that represent the most prominent events in the life of Christ, including his image on the cross. These precious pictures and inscriptions that came with them are a marvel art and creativity and are among the most accurate of drawing, and whoever contemplates them understands the nature of the artistic style that prevailed in the Byzantine era and is reminded of the art of mural painting in Syria, especially those murals that were found in Dura Arbus, which is in the first thirty pages of the manuscript. This copy was called the “Rabula Gospel Codex” (which is preserved in the Florence Museum and Library) after the monk Rabula, or Mar Rabula, the oldest Syriac painter whose traces were found, dating back to the second half of the sixth century. This copy is the oldest Christian religious manuscript in the world containing pictures in which are dated clearly, and it includes the first series of pictures drawn by the Christians and representing the New and Old Testaments

 

Mai Abboud Abi Akl considered in her study that "the image of the Crucified Christ on the cross in this Gospel is the first of its kind in the world, and it is the inspiration behind the images rising above the altars and churches of the whole world, east, and west, and adorning Christian homes and institutions on the whole planet. This Gospel also contains the first picture of the Virgin Mary, Mother of God, "the Guide carrying the child", as confirmed by Father Boutros Daou in his book "The Maronite Church Painting - Rabula's Gospel and Its Images", which is included in the seventh part of the "Maronite Religious, Political and Civilized History" collection. Jules Laura points out in his book “Illustrated Syriac Manuscripts” that “this manuscript is the oldest manuscript in the world that includes clearly dated pictures, while the rest of the illustrated manuscripts, whether they are Syriac, Latin, Byzantine, Greek, or otherwise, offer only a purely hypothetical estimation of the date of their completion based on the shape of the line or other evidence.” This Gospel was transmitted to several locations and churches: From Saint Youhanna’s Monastery in Beit Zaghba, it went to Romanos the visitor of Antioch. After his death, it was moved to Saint George’s Church in Antioch and then came into the possession of the Maronite patriarchs in the Mayfouq Monastery. When they moved to the Monastery of Our Lady of Qannoubine in 1440 they took it with them, and it remained there until 1652 when it was moved to Europe and came into the possession of the Kwazlan family. Eventually, it reached the National Library of Paris. Since the first half of the eighteenth century, it has been in the Laurentian Library in Florence, and there it was discovered by Bishop Estephan Awwad who brought this treasure to light in his book “Oriental Manuscripts” in which he listed the manuscripts found in the Medici Library in Florence, including Chaldean, Aramaic, Syriac and Coptic manuscripts. In his book, he included the Gospel of Rabula, which was printed in Florence in 1742 and remained in the aforementioned library, and since then it has been studied, scrutinized, and analyzed by scholars of the Bible, liturgy, art, and history

 

Experts consider Rabula's Gospel a pioneering example of the art of Christian painting, and is clearly influenced by Phoenician art and has had a great impact on Syriac and Byzantine European art. It includes among its pages a small colored panel representing several events from the life of Christ, namely: the election of the Apostle Matthew, the Mother of God, Ammonius of Alexandria and Eusebius of Caesarea, the Annunciation of Zachary, the Annunciation of the Virgin, the birth and baptism of Christ, the killing of the children of Bethlehem, the wedding of Cana in Galilee, the healing of the bleeding woman and the daughter of Jairus, the healing of the humpback woman and conversation with the Samaritan woman, raising the son of the widow Nain from death, the Transfiguration, the healing of the blind, Jesus and the Canaanite woman, Jesus expelling demons, Jesus performing the tribute of the Temple, the Evangelists Matthew and Youhanna, the Evangelists Mark and Luke, the miracles of the multiplication of bread and fish, Jesus healing the lame, the blind, the dumb and the paralyzed, the arrival of Christ to Jerusalem and the communion of the apostles, the betrayal of Judas, the suicide of Judas, Jesus before Pilate, the crucifixion and resurrection, the ascension, Christ the King, the appearance of the Holy Spirit to the Mother of God and the disciples on the day of Pentecost. The artist drew in the paintings of this Gospel flowers, trees, dove, peacock, fish, deer, sheep, horse, rooster, duck, bird, and partridge; they did not have religious functions but were merely decorative additions. Perhaps the most beautiful paintings featuring the life of Christ are: "Matthew the Apostle - Crucifixion and Resurrection - Ascension - Christ the King - Pentecost." “The Ascension” is a wonderful figurative work that is distinguished by its solid composition and mature lines that demonstrates the accuracy and vitality of forms in the combination of human elements impressively and surprisingly. The painting is divided into two isthmuses, one of which is a heavenly upper one, which includes a procession of Christ as he ascends to heaven, surrounded by angels in a symmetrical formation. The other isthmus is a lower earthly one, in the middle of which is the Virgin Mary raising her hands towards the sky and surrounded by two messengers who stop the flow of people and followers through two parallel masses pulsing with movement. The image of Christ is in a frontal position alongside the angels surrounding him, and the faces of the apostles and followers are in various tilted positions, except for the face of the Virgin, who remained in a frontal position. This indicates the artist’s ability to diversify situations and subject them to religious values, as well as the expressive ability that was manifested in the features of the faces, their movement, the diversity of costumes, the proportionality of shapes, and their submission to realistic considerations, including the folds of clothes that emerged through the color shading that the artist resorted to to highlight the third material dimension as well as the spiritual dimension. This is what gave the Rabula its importance and made it the first example of Christian illustration that spread around the world