كنييسة سيّدة بشوات - بشوات

بلدة بشوات هي إحدى بلدات منطقة دير الأحمر في قضاء بعلبك، وتُعتبر من القرى المارونية البارزة في البقاع الشمالي، تتميّز بتاريخها العريق، وطابعها الريفي، ومكانتها الدينية الخاصة. وتُعدّ كنيسة سيدة بشوات من أهم المزارات المريمية في لبنان.

تقع الكنيسة في بلدة بشوات، المشرفة على سهل البقاع من ارتفاع يبلغ نحو 1250 مترًا عن سطح البحر. وتتميّز بتمثال العذراء مريم ذي الرداء الأزرق المزيّن بالنجوم الذهبية، حاملةً الصليب بيدها، وهو التمثال الذي يُعرف بعجائبه بحسب الموروث المحلي والتقارير الواردة من الزوّار والحجاج.


تعود تسمية البلدة والكنيسة إلى القديس القبطي أنبا بيشوي، الذي يُعتقد أنه أقام في دير شيّده اليعاقبة في الموقع نفسه. كما يَذكُر أنيس فريحة في كتابه "معجم أسماء المدن والقرى اللّبنانيّة" أنّ أصل الاسم قد يرتبط بالطبيعة الطبوغرافية للمنطقة ذات الأرض المنبسطة.

 تاريخياً، كشفت الحفريات عن بقايا معبد روماني تحوّل في العصر البيزنطي إلى كنيسة، قبل أن يُعاد ترميمه وتوسيعه في القرون اللاحقة، لا سيما مع استقرار عائلة كيروز القادمة من بشري في البلدة، والتي أشرفت على بناء الكنيسة الحالية على أنقاض الكنيسة القديمة. ومن أبرز المؤشرات إلى القِدم التاريخي لهذا الموقع الديني وجود شجرة سنديان معمّرة بجوار الكنيسة، يُقدَّر عمرها بأكثر من ألف عام، وهو ما يتقاطع مع العرف المتبع في زرع السنديان تزامناً مع بناء الكنائس لقياس تاريخها. كذلك، عُثر خلال أعمال الحفر على أعمدة ولوحات فسيفسائية على عمق تجاوز السبعة أمتار، تُشير إلى طبقات حضارية سبقت الحقبة الرومانية

عام 1741، اكتُشفت أيقونة خشبية للعذراء مريم في أحد كهوف المنطقة، تعود إلى الحقبة البيزنطية، وأصبحت منذ ذلك الحين محوراً للتقوى والزيارة. وبعد تعرّض الأيقونة للاحتراق، يقال بأن رهبانًا يسوعيين فرنسيين أهدوا أهالي البلدة تمثالاً جديدًا جُلب من فرنسا عام 1904، وهو نسخة طبق الأصل عن تمثال "سيدة بونتمان" (Notre-Dame de Pontmain)  الذي ارتبط بظهور العذراء عام 1871 في قرية بونتمان الفرنسية، خلال الحرب الفرنسية–البروسية. وقد أُعيد تجسيد هذا الظهور من خلال تمثال نحتيّ جسّد العذراء كفتاة شابة بثوب أزرق يغمره الضوء والنجوم. التمثال الجديد المصنوع من البازلت وصل إلى بشوات ليحلّ مكان الأيقونة المحترقة.

منذ ذلك التاريخ، تحوّل المزار إلى مقصد للحجّاج من مختلف الطوائف والمناطق، لا سيّما بعد وقوع أحداث وُصفت بـ"العجائبية"، أبرزها ما جرى عام 2004، حين سُجّلت حادثة لفتى أردني يُدعى محمد الهواوي، أشار فيها إلى رؤيته لحركة التمثال ولمعانه. وفي التفاصيل، فإنّ محمد دخل إلى مزار السيّدة بناءً على طلب أصدقائه الذين كانوا برفقته في رحلة إلى المنطقة. وأثناء وجوده في الداخل، سأل من كان إلى جانبه عمّا إذا كان التمثال يتحرّك. وقد أكّد جميع من كان في المكان مشاهدتهم لما رآه محمد، إذ بدا تمثال السيّدة العذراء وكأنّه يتحرّك، وعيناه تفتحان وتغلقان، كما رشح منه زيت... الأمر الذي أثار اهتمامًا إعلاميًا ودينياً واسعاً، ورفع عدد الزوار في تلك السنة إلى أكثر من مليوني زائر ...

 لا تقتصر أهمية الموقع على بعده الديني، بل تشمل أيضًا عناصر أثرية وطبيعية متعددة، منها المغاور الصخرية، والنواويس الحجرية، وجرار فخارية، إلى جانب آثار نقدية تعود إلى العصر الروماني. وتستند الحياة الاقتصادية لسكان بشوات على الزراعة وتربية المواشي، إلى جانب مردود السياحة الدينية الذي يُشكّل مصدر دخل أساسياً للعديد من العائلات...

 

Location: https://maps.app.goo.gl/1t7UqAnnaDPKNweA7

Video : https://youtu.be/8Lbpt8eqecY?si=HhLsxjprGMsAs0Iz