تقع بلدة فغال في قضاء جبيل، محافظة جبل لبنان وهي آخر بلدة في القضاء ومحافظة جبل لبنان لجهة الساحل. تلامس شمالا وادي المدفون وغرباً البحر. يرتفع وسط البلدة عن سطح البحر حوالي 300 م . ويبعد وسط البلدة عن العاصمة بيروت 53 كلم وعن مركز القضاء مدينة جبيل ١٤ كلم. طريقها الرئيسيّ صعوداً من مفرقٍ قبل حاجز المدفون.
يقول الدّكتور أنيس فريحة في "مُعجم أسماء المدن والقرى اللّبنانيّة" إنّ اسمها إمّا من جَذر "pegal" ، والمعنى الأصيل الثخانة مع لين ورخاوة أو من من كلمة "pe’ ala" و معناها العمل والشغل والحراثة، وفي العبرية "piggul" ومعناها النفاية والرجس وذبيحة الأصنام. والبعض يرّدُ اسم بلدة فغال الى كلمة غال أي المقفلة، ذلك لأن لا مخرج لها سوى مدخلها. من مناطقها المشهورة وادي المدفون وشاطئها الذي يُعدّ من المناطق النادرة الخالية من التلوّث... وهي بلدة صديقة للبيئة تعتمد بنسبة عالية على الطاقة المتجددة ...
ومن الآثار القيّمة في البلدة، الكنيسة المزدوجة لمار نهرا والسيّدة العذراء الشبه مُهدّمة، والتي تقع قبالة دير مار ساسين الذي هو حاليا مركز لرعاية الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة بإدارة كاريتاس. الكنيسة مزدوجة، ذات سوقين ينتهي كل منهما بحنيّة مكوّرة نصف دائرية. أما وجهة البناء فنحو الشرق ومدخل الكنيستين على الأرجح من الجهة الغربية، تفصل بينهما ثلاث قناطر ما زالت قائمة. والملفت عمودان مع تاجين قديمين يقوم عليهما قوس كلّ من الحنيتين، تزيّن صورة لمار نهرا الحنيّة الشمالية، ويظهر تمثال للسيدة العذراء على الحنيّة الجنوبية . وجنوبي غربي الكنيسة توجد كوّة صغيرة بشكل نافذة، ملاصقة لحائط الكنيسة، تُدعى "الزاموقة" تمرُّ عبرها النساء اللواتي يعانين صعوبة في الحمل، وفقأً لما يُروى. إشارة إلى أنّ طول الكنيستين 11 م وعرضهما 9م، وقد رُمِّمتا في العام 1993.
ويقول الدكتور كريستيان الخوري عن الكنيسة، في كتابه "العذراء مريم في لبنان" – الجزء السابع: "يرجح أن هذه الكنيسة هي من عهد المسيحية الأولى في فغال. وهذه الأرض حولها كانت مركز إمارة نظراً لموقعها المميز، والأبنية القديمة المعقودة بالحجر، والنواويس الصخرية والآبار المنتشرة هناك. أمام الكنيسة بئر ماء، وخلفها بئر أخرى معروفة عند العامة ببير الدرب، وهو الدرب العمومي المُمتَد من المدفون الى فغال والقرى بعدها.
لم يبقَ من الكنيسة سوى بعض الأجزاء وبعض القناطر التي تشهد على ما كانت عليه من مكانة وقدم.
ذكر جورنال فحص عام 1884 أن الكنيسة الخامسة في فغال هي على "اسم ماري نوهرا بمحل يسمى كفرشخنه خراب" والكنيسة السادسة "على اسم السيّدة حذا كنيسة مار نوهرا خراب... وأعاد جورنال فحص التأكيد على آن كنيستا " مار نوهرا والسيدة خرائب"...
ويقول عنها Levon Nordiguian في منشورة Melanges
de l’Université Saint-Joseph Volume LXVII – 2017-2018
"بأنها تحتوي على سوقين وحنيتين بارزتين. الكنيسة الشمالية، مُكرّسة لمار نهرا والجنوبية للسيدة العذراء. وكلاهما يشكلان جزءًا من برنامج معماري واحد. كان المبنى بالفعل في حالة خراب في بداية القرن العشرين، حيث يبدو أن السوق الجنوبي قد استخدم كمقبرة جماعية لضحايا المجاعة خلال الحرب الكبرى.
يبدو أن الكنيسة كانت ذات طابع مميز، لكنها محفوظة بشكل سيئ. جدران السوق الشمالي اختفت بالكامل، بينما لا يزال الجدار الجنوبي قائماً على طوله بالكامل بارتفاع حوالي 1.50 متر. كانت الحنيَتان المكورتان محفوظتين بالكامل حتى مستوى الكتل الحاملة للقناطر، والتي تتكون من كتل حجرية بسيطة مشطوبة الأطراف. كان من الممكن إعادة بناء نصف الحنيّة الجنوبية بشكل دقيق، حيث لا يزال جزء من هيكلها قائماً، بما في ذلك بداية قوس الحنية، وخمس طبقات حجرية ما زالت في مكانها. ومع ذلك، فإن الترميم السيئ الذي أُجري، بإضافة قبة منخفضة، لم يراعِ هذه التفاصيل، كما لم يُراعَ في الحنيّة الشمالية، التي أعيد بناؤها قبل زيارتنا الأولى في عام 1994....
تم بناء جدار الحنيّة بأحجار منحوتة بشكل نسبي ومرصوفة تقريبًا. كما تم الحفاظ على القناطر الثلاثة التي تفصل بين السوقين، مع امتداد يبلغ ثلاثة أمتار. تتناوب أحجار الأقواس بين كتل طولية وعرضية تملأ كامل سماكة القوس (0.96 متر)، وتحملها أعمدة حجرية مستطيلة قوية
أعلى هذه البنية، لم يتبقَ أي أثر للأقبية التي كانت موجودة. لا يسمح الوضع الحالي للأنقاض بتحديد مواقع الأبواب أو النوافذ بدقة، ولكن الفتحة الموجودة حاليًا في ما تبقى من الجدار الغربي للصحن قد تكون بقايا إحدى الأبواب.
من اللافت للنظر تجانس الأبعاد في هذه العمارة الريفية، وهو ما يمكن ملاحظته ليس فقط في الأقواس ولكن أيضًا في قطر الحنيتين (3.60 متر) وعرض كل من السوقين (4.40 متر). تعتمد الأقواس الحاملة للحنيّة على أربعة تيجان دورية منحوتة من الحجر الجيري المحلي . يتألف كل تاج من قاعدة مربعة (0.54 متر)، وحافة منحنية، وبداية العمود، دون أي زخرفة أو حلقات. تستند هذه التيجان بدورها إلى أسطوانة عمود يبلغ قطرها حوالي 0.45 متر.
تشير هذه الأبعاد المتناسقة نسبيًا إلى أن هذه العناصر تعود جميعها إلى مبنى أثري قديم من النوع Térastyle أربعة أعمدة في الواجهة، لكن موقعه الأصلي غير معروف...
الأسطوانة الواقعة في أقصى الجنوب تحمل نقشًا يونانيًا، وهو إهداء من شخص يُدعى "أسباسيوس"، وهو اسم معروف من نقوش جبيل والمنطقة المحيطة بها، خاصة في بلدة بلاط. استخدام التيجان الأثرية كعناصر معمارية في الكنائس في العصور الوسطى ليس خاصًا بفغال، بل يمكن رؤيته أيضًا في كنيسة مار يوحنا وتادروس في إدة – جبيل.
على بُعد بضعة أمتار شمال الكنيسة، خزّان للمياه محفور في الصّخر. وعلى مسافة خمسين مترًا إلى الشمال، ساحة تابعة لدير ما ساسين تُستخدم كملعب، يُخبر أحد سكان القرية أنه تم فيها اكتشاف بقايا أثرية قديمة تضم فسيفساء، لكنها دُفنت على الفور للحفاظ عليها".!!!