كنيسة مار إلياس - جبيل
كنيسة مار الياس، مزرعة كفر صيادا، جبيل، تابعة لدير سيدة المعونات – قضاء جبيل، كنيسة قديمة العهد، تعود إلى القرون الوسطى.
وكان قد وهب الأمير يوسف شهاب،عام ١٧٦٧، الشيخ منصور الدحداح دير سيدة المعونات، المعروف أيضًا بدير البنات، وشملت الهبة عقارات وفيرة تابعة للدير، منها مزرعة كفر صيادا حيث موقع كنيسة مار الياس، ومزرعة كفرقوق....وبعد أقل من ثلاث سنوات ، وتحديدا في ١٥ تشرين الثاني ١٧٧٠، حرّر الشيخ يوسف الدحداح صكّا بتسليم دير سيدة المعونات إلى الرهبانيّة البلديّة (اللبنانيّة) المارونيّة في زمن الأب مرقس الكفاعي. وكان هذا الاخير، أول رئيس عام للرهبانية المارونية بعد القسمة وقد شغل فيها عدة وظائف ومكث رئيسا عاما مدة اربعة مجامع متقطعة اي ١٢ سنة اولها سنة ١٧٦٩ وآخرها سنة ١٧٩٦
تقع الكنيسة على علوّ حوالي 160 مترًا على تلّة تُطِّل على مدينة جبيل، حجارتها رملية ومختلفة الأحجام، هي معقودة من الداخل ، وذات سوق واحدة وحنيَة مكورة يتوسطها كوة للإنارة، ويحدها من الأمام إفريز حجريّ يفصلها عن عقد الكنيسة. وجهتها نحو الشرق ولها باب واحد منخفض لجهة الغرب، كما توجد فتحة في سقفها المعقود، وهو أمر يصعب تفسيره في الهندسة الكنسيّة، والمذبح ملتصق بالحنيّة وهي تحوي أيضًا على مذبحها وحوله تماثيل وصورًا عدّة تعود لمار الياس. وفيها أيضًا قنطرتان مسدودتان من الجهتين، ولا يوجد دليل من الخارج بأنهما كانتا مفتوحتين، لكن على الأرجح أنّ الكنيسة كانت مؤلّفة من ثلاثة صحون، ولم يرمَّم منها سوى صحن الوسط... وأضيف اليها في الزاوية الجنوبيّة الغربيّة قبّة حجريّة وجرس. ويبدو ظاهرًا أن تلك الجهة من الكنيسة كانت قد تضرّرت ورمِّمت في السابق، كون حجارتها المستعملة مختلفة عن تلك الحجارة القديمة الرملية... كما توجد من الجهة الخلفية الخارجية، درجات معلّقة بشكل درج؛ كذلك وجدت بالقرب من الكنيسة نواويس حجرية...
وجنوبي الكنيسة شجرة خروب تظلّل طلولة ومقاعد، وتمثال كبير لمار إلياس على قاعدة حجرية عليها لوحة رخامية تحمل نقشًا لصلاة تطلب شفاعة مار الياس الحيِّ:
السلام عليك يا مار الياس الحي، يا نبي الله العلي وصاحب الإيمان القوي والغيرة الإلهية والسيرة الملائكية، أنت كاروز الحق. قد دحضت الزور ووبخت صانعي الشرور وقرنت القوة المتقدة بالحب المضرم، ففتكت كهنة باعال، وأهطلت الأمطار بعد إنحباسها بصلاتك فنسألك متضرعين، أن تجعلنا مستظلين وبسنائك مستنيرين وإذ نلتمس منك المعونة والشفاعة، نلتجئ إليك قائلين:
نجّنا من الشدائد والمصائب والشرور ومن فخاخ الأعداء المنظورين والغير المنظورين، رد عنا الضربات، وأبعد الأمراض والأوبئة والقحط والغلاء وإدفع عنّا وثبات الخيالات الرديئة والأفراح الشريرة، وكن لنا حافظاً ومُنجّياً ومساعداً في كل ساعة من حياتنا وكما قبلت تنهدات الأرملة ورددت لها إبنها الوحيد من بعد الموت وأحييته، إقبل تضرعاتنا نحن الملتجئين إليك الآن. وسدّد خطواتنا في سبيل البر، لكي نحيا حياة نقية مرضية لله، ونستحق أن نمجّده تعالى معك ومع سائر القدّيسين في السماء العليا إلى الأبد آمـــــــــين.
يحتفل بعيد مار الياس في ٢٠ تموز من كل عام.
وبالعودة لمار إلياس
ظهر النبي إيليا حوالي سنة 890 قبل الميلاد، واشتهر بالتقشف والتنسك والطاعة المطلقة لإرادة الله. كان غيورًا بشدة على بيت الله ومتمسكًا بالإيمان والأخلاق، مما جعله مثالاً يُحتذى به. كان له دور بارز في مواجهة الملك آحاب وزوجته إيزابيل الكنعانية التي دفعت الملك لترك عبادة الإله الحقيقي واتباع ديانتها. أعلن النبي إيليا بكل جرأة أن المطر لن يهطل إلا بكلمته، وهكذا حدث
رغم اضطهاد الملك له، استمر إيليا في أداء رسالته، فهرب من مكان لآخر وصنع المعجزات، مثل تكثير الدقيق والزيت لأرملة في صرفت صيدا، وإقامة ابنها من الموت. كانت حياته سلسلة من المعجزات، وحتى انتقاله عن الأرض كان مميزًا، حيث صعد إلى السماء في مركبة نارية، ما جعله يُعتبر حيًا مدى الدهر
إيليا مثال المؤمن الغيور والمجاهد من أجل الحق، الملتزم بعبادة الله، والرحيم على الفقراء. هو أول من أسّس مدرسة الأنبياء وكان له تلاميذ أبرزهم أليشاع. ترك بصمة مميزة كأول ناسك ومتوحد يكرّس حياته لله، وأول من صنع المعجزات التي خلدت ذكره في الأجيال.
لقد ورد ذكر إيليا النبي عدة مرات في العهد الجديد من الكتاب المقدس. فقد قال الملاك الذي بشّر أليصابات زوجة زكريا الكاهن، أي أم يوحنا المعمدان، بأنها ستحبل وتلد ابناً، وأن ابنها يوحنا سيعد الطريق أمام المسيح، وأنه سيتقدم المسيح بروح إيليا وقوته (لوقا 1:17). وبهذا المعنى، قال يسوع مادحاً يوحنا المعمدان، إن إيليا النبي جاء في شخص المعمدان (متى 11:14 و17:10-12)
وعندما كان المسيح يعلّم، ظن الناس خطأ أن يسوع نفسه هو إيليا (متى 16:14). وأثناء حادثة تجلّي المسيح على جبل التجلّي، ظهر إيليا وموسى مع المسيح (لوقا 9:28-36). وهناك أيضاً مراجع عدة في العهد الجديد تشير إلى إيليا النبي وغيرته
إن أوجه الشبه عديدة بين يوحنا المعمدان وإيليا النبي. فإيليا النبي كانت لديه الغيرة المتقدة لكي يرد الناس عن عبادة الأوثان ويرشدهم إلى الإله الحقيقي. وكذلك يوحنا الذي جاء ليمهد الطريق أمام المسيح، داعياً الناس للتوبة والاستعداد لاستقبال الإله الحقيقي المسيح المخلص الذي هو حمل الله الرافع خطايا العالم.