تقع مشمش في وسط قضاء جبيل وهي تعتبر همزة الوصل بين جنوب القضاء وشماله ، من خلال طريق القديسين التي تربط عنّايا حيث قبر مار شربل والمحبسة التي عاش فيها لمدة ٢٣ سنة، إلى لحفد حيث البيت الوالدي للطوباوي إسطفان نعمة، إلى ميفوق حيث دير سيدة إيليج المقر البطريرّكي في القرون الوسطى، ودير سيدة ميفوق حيث نسخة عن أول أيقونة مارونية، إلى كفيفان حيت قبر القديس نعمة الله الحرديني والطوباوي إسطفان نعمة وصولاً إلي جربتا حيث قبر القديسة رفقا. هي جارة الشمس وأرض الشمامسة.
أما اسمها في السامية فيعود لخادم الكنيسة أو الشمّاس. كما يردها البعض إلى كلمة مِشمِس أي في وجه الشمس. تبعد مشمش ٦٠ كلم عن العاصمة بيروت و٣٠ كلم عن مدينة جبيل مركز القضاء، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر بين ٨٠٠ و ١٦٥٠ مترًا. تحدّها شمالًا بلدات لحفد وسقي رشميا وجاج وشرقًا خراج جاج وجنوبًا بلدات إهمج، عنّايا، العويني وحجولا وغربًا بلدات هابيل وعبيدات وحاقل. كما تُعدّ من أكبر قرى بلاد جبيل من ناحية المساحة.
بنيت كنيسة القديس مار ضومط الرعائية الجديدة في موقع يُعرف باسم "شير السيدة" أو "منحدر السيدة العذراء"، حيث توجد صخرة كبيرة منحدرة. بُوشر ببنائها في العام ١٨٤١ واستمرّت الأعمال حتى العام ١٨٦٣ وتمّ ترميمها ما بين عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٧، وكانت الكنيسة قد بنيت بجوار كنيسة قديمة العهد تحمل نفس الاسم، يعود تاريخها على الأرجح إلى العصور الوسطى، لكنها اندثرت منذ أكثر من مئة عام.
كما أظهرت الكتل الحجرية المندثرة في المنطقة المحيطة، والتي هي كناية عن أعمدة وتيجان دورية ومذابح نذرية، تعود للقرنين الأول والثاني الميلاديين، بأنّ عمارة رومانية كانت قائمة في المحلة...
تصميم الكنيسة يُعدّ نموذجيًّا لكنائس القرن التاسع عشر، فهي مستطيلة، وجهتها نحو الشرق، معقودة وذات سوق واحد بقياسات ١١×٢٠ مترًا وارتفاع ٩ أمتار، حيث استخدمت كتل من الحجر الجيري في بنائها... لها ثلاثة مداخل أضيف برج إلى قبّة الجرس حديثًا أمام المدخل الجنوبي نفّذه الحرفيّ رستم الخوري من مشمش بدلاً من القبّة التي كانت قائمة على سطح الكنيسة والتي انهارت مرّتين بسبب ضربات البرق، مما استدعى بناء برج في العام ١٩٦٣ ملاصقاً للكنيسة لتفادي الانهيارات السابقة، مشكلًا رواقًا يتمّ عبره الدخول إلى الكنيسة... والدرج المؤدّي إلى سطحها، هو درج معلّق على حائطها الشرقي ودون مستوى الأرض.
من الداخل، الكنيسة معقودة تحتوي على سوق واحدة. ويعلو المذبح المصنوع من الرخام الأبيض بيت القربان الذي هو أيضًا مصنوع من الرّخام. يضّم المذبح ذخائر قديسي لبنان. يذكر بأنَّ البابا بيوس الحادي عشر (١٩٢٢-١٩٣٩)، أعلن في ٢٥ أغسطس ١٩٢٦ المذبح كمذبح للنعم الإلهية. تعلو المذبح لوحة زيتيّة لمار ضومط لم يتمّ التعرّف إلى من رسمها وتعود على الأرجح إلى القرن التاسع عشر.. كما تحوي الكنيسة جرنًا للعماد قديم جدًّا ما زال يستعمل بالإضافة إلى حجرٍصغير لا يتعدّى علوه ٤٠ سنتيمترًا محفور عليه صليب.
في أعلى الصخرة المنحدرة، تمثال للسيّدة العذراء وإلى جانبه المصلوب.
بالعودة إلى مار ضومط، هناك أكثر من قديس يحمل هذا الاسم : فالروزنامة الليتورجيّة تختلف بين كنيسة وأخرى، إذ يحتفل اللّاتين بعيد مار ضومط، اسقف “هوي” في 7 أيار، في حين يُكرّم الموارنة والرّوم الأرثوذكس والكاثوليك مار ضومط الفارسيّ الشّهيد، في السابع من شهر آب، وهو الأكثر شهرةً في الشّرق، وهو يُعرف في بلاد الغرب ب Domitius أو ب Domitian.
فمار ضومط الفارسيّ، الشّهيد، كان يعتنق الوثنية، وعاش أيّام يوليانس الأريوسيّ، الجاحد في مدينة أمد. كان مِن بين الذين اضطهدوا المسيحيّين، لاسيّما رجال الدين منهم. أصيبَ بداء المفاصل الأليم، فاستفاق من غيّه، معتبراً مرضه دعوةً من الله إلى التوبة. فاعتنق الديانة المسيحيّة، وترك أهله ووطنه في فارس، وأتى إلى مدينة الرُها، حيث ترهّب في أحد الأديار، وصار فيما بعد شمّاساً. وعندما قرّر رئيسه أن يرقيّه إلى درجة الكهنوت المقدّس، اعتذر ضومط ورفض هذه المسؤوليّة. فانكفأ إلى مغارةٍ حيث تنسّك، متقشفاً وتائباً عن خطاياه قرابة الثلاثين سنة. ذاع صيته، وصار مَقصداً للمؤمنين، وقدوة في التوبة والإيمان. استشهد في نصيبين، بلاد ما بين النهرين حوالي سنة 362 م. كان شفيعاً لمرضى داء المفاصل.
يُذكر أنه في الكنيسة يوجد حجر صغير صقل على شكل محدلة يقال إنه جُلب من المغارة التي احتجز فيها مار ضومط حيث تنسّك. المحدلة-الحجر كانت موجودة في كنيسة مار ضومط القديمة المهدّمة جراء الزلازل، كما ذكر آنفًا، وهي موضوعة بجانب جرن الماء المقدس، على المدخل الجنوبي للكنيسة، ومعروفة بقدرتها العجائبيّة على الشفاء من الآلام والأوجاع، كون مار ضومط هو شفيع مرضى داء المفاصل.
وللقدّيس ضومط عدد من الكنائس في لبنان، وهو شفيع مرضى داء المفاصل، ويحتفل بعيده في السّابع من شهر آب.