.دلبتا هي قرية من قُرى قَضاء كِسروان في مُحافظة جبل لبنان، يتراوح ارتفاعها ما بين 500 و1150م وتَبعُد عن العاصِمَة بيروت 29 كلم، وعن مَركَز القضاء جونية 9 كلم. تَحدُّها عرمون، القطّين والجديدة شَمالاً، رعشين شرقاً، معراب وغوسطا جنوباً، وشننعير وغزير غربًا
يُجمِع الباحثون على أنّ اسم دلبتا هو سريانيّ تعريبه : الدّلبة، والمقول إنّ أراضيها كانت غنيّة بشجر الدّلب إلى أن اجتاحتها أمطار غزيرة عام 1862، رافقها هبوب عاصفة هوجاء اقتلعت معظمها من جذورها. ويؤكّد ذلك أنيس فريحة في كِتابه "مُعجَم أسماء المُدن والقرى اللّبنانية" أنّ أصل اسمها Dulebta الدّلبة أو Dulba، أشجار الدّلب....
يروي الخوري بطرس روفائيل في كتابه "دلبتا – نبذة تاريخية" عن دير مار أنطونيوس البادواني التّابع للرهبنة المارونية المريمية، بأن المكان كان في بادئ الأمر بقعة بائرة اشتراها الخوري أنطون الحاج وأصلحها، وبنى حجرة صغيرة جعلها معبدًا يقيم فيه الذّبيحة الإلهية عند الاقتضاء ونصب على المذبح صورة القديس أنطونيوس البدواني. وبعد وفاته أهمل ورثته المكان ولم يبق قائمًا إلّا الحجرة، وفيها توالت عجائب القديس، وكان أوّلها خلاص امرأة من مخاض عسير ونجاة طفلها، وبعدها شفاء طفل عجز الطبّ عن إيجاد علاج له، فحمله والده ووضعه أمام المذبح وراح يبتهل إلى القديس فتعافى بسرعة. وفي عام 1865 بنى الخوري يعقوب كنيسة على اسم القديس أنطونيوس والقديس ألفونسيوس دي ليكوري. وإثر وفاة الخوري يعقوب عام 1871، عهد المطران يوحنا الحاج (البطريرك لاحقًا (1890-1898) إلى القس مارون روفائيل الدلبتاوي خدمة الكنيسة وأملاكها ، وعقبه في الولاية عام 1875 القس لويس فرج باسيل الدلبتاوي من الرهبانية الحلبية وقد سعى الرهبان الحلبيون إلى نقل الدير إلى حيث هو الآن فتم بناؤه سنة 1902 على الطراز الحديث بالحجر الأبيض النظيف المسقوف بالقرميد وباشروا سنة 1904 بإقامة الكنيسة الحالية قرب الدير وهي أيضًا مسقوفة بالقرميد طولها 15 مترًا وعرضها 8 أمتار. ويتابع الخوري بطرس روفائيل فيقول: " ما اليوم فقد أصبح الدير خاليًا..." . حاليًا الدير أصبح واحة توبة وصلاة، يخدمه الرهبان المريميون .
بالعودة إلى كنيسة الدير الجديد، فقد اهتمّ بترميمها الرهبان المريميون (الحلبيون سابقًا)، وزيّن سقفها في العام 2009، الرّسام حبيب الخوري بجدارية تجسّد أربع عجائب للقديس أنطونيوس البدواني.
المعجزة الأولى: معجزة عظة الأسماك
في أحد الأيام، كان الأخ أنطون يعظ في مدينة ريمينيRimini لكن الناس لم يصغوا إلى العظة ولم يبدوا أي اهتمام للراهب. فغادر أنطون وتوجه إلى الشاطئ، ونادى الأسماك قائلاً: "بما أن البشر لا يريدون سماع كلمة الله، فسأعلنها لك أيّتها الأسماك". عندها، ظهرت الأسماك بالآلاف، وأخرجت رؤوسها من الماء، وتحركت وقفزت فرحة، مُظهرة سعادتها بسماع كلمات المديح.
المعجزة الثّانية: معجزة القربان المقدس وحادثة البغل
في يوم من الأيام، تحدّى هرطوقي القديس أنطون لإثبات وجود يسوع الحقيقي في القربان المقدس من خلال معجزة. فجلبوا بغلاً جائعًا ووضعوا أمامه من جهة علفه، ومن الجهة الأخرى القربان المقدس. تجاهل البغل طعامه وركع أمام القربان المقدس. وعلى الفور، اعتنق الهرطوقي الإيمان.
المعجزة الثّالثة: معجزة القدم المعادة
أقرّ شاب، أثناء اعترافه للقديس أنطون، بأنه ضرب والدته بعنف بقدمه. فقال له القديس بصرامة: "القدم التي تضرب الأم أو الأب تستحق أن تُقطع فورًا." وعندما عاد الشاب إلى منزله، ندم بشدة وقطع قدمه بنفسه. وعندما علم القديس أنطون بالأمر، أسرع إليه، وبصلوات عميقة أعاد القدم إلى مكانها. نهض الشاب بعد ذلك وهو معافى تمامًا، وبدأ يسبح الله ويرقص فرحًا.
المعجزة الرّابعة: معجزة قلب البخيل
توفي رجل ثري للغاية، واجتمع جميع أقاربه لحضور جنازته. كان الأخ أنطون حاضرًا، لكنه بدا مضطربًا. فجأة، صرخ قائلاً: "هذا الميت لا يجب أن يُدفن في مكان مقدس، لأن جسده بلا قلب". استغرب الجميع، وقرروا استدعاء طبيب للتحقق من الأمر. وعند فتح صدر الميت، تبين أن القلب ليس في مكانه. وبعد قليل، تم العثور على القلب داخل الخزنة التي كان الثري يحتفظ فيها بثروته.