دير مار أنطونيوس خَشبَو - غزير

على تلَّة في بلدة غزير تدعى "خَشْبَو" تَطُلّ على خَليج جونية، يقوم دير هو اليوم مَركَز الرّئاسة العامّة للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة. وكان أحد مؤسّسي هذه الرّهبانيّة الأب العام عبدالله قراعلي (1699-1716)، استقبل في عهد رئاسته العامّة على هذه الرّهبانيّة شابَّين من طائفة الأرمن الكاثوليك في دير مار أنطونيوس – قِزحيّا حيث تدرّبا مع أبناء الرّهبانيّة على مُمارسة الحياة النّسكيّة لغاية سنة 1718، ثمّ انضمَّ إليهما اثنان آخران من طائفتهما، فأسَّسوا جميعاً رهبانيّة أرمنيّة جديدة تبنَّت قانون الرّهبانيّة اللّبنانيّة.

أوقف لهم الشيخ صخر بن أبي قانصوه الخازن، سنة 1752، تلَّة "خشبَو" المَذكورة الّتي تَعني في أصلها السّريانيّ "بيت التَضَرُّع" (أي مكان الصّلاة)، فأنشأوا فيها ديراً كبيراً وبنوا فيه، سنة 1820، كنيسةً على اسم القدّيس أنطونيوس البادواني، تُعَدّ من أجمَل الكنائس بِهَندَسَتِها في الشّرق، يَبلُغ طولُها 30م وعَرضُها 15م، وسَقفُها العَقد هو من أعلى ما عُرِفَ لغاية تاريخِه في لبنان، إذ يبلغ علوُّه 19 متراً. وقد جَرى تَرميمها في أواخر القرن الماضي بمؤازرة من المديريّة العامّة للآثار.

بقي هذا الدّير في يَد الرهبان الأرمن حتى العام 1890.. عندما قدمَ من فرنسا رُهبان كبّوشيون قدَّم لهم البطريرك الماروني بولس مسعد (1854-1890) هذا الدير بالاتّفاق مع آل الخازن. ومن الذّكرَيات البارِزة في تاريخ هذا الدير أنّه قد دَخَلَه راهِب بِصِفَة مُبتدئ، أصبح في ما بعد الطّوباويّ يعقوب الكبّوشي، فأمضى فيه بضع سنوات قبل ان يَهجره رهبانه كافّةً من أرمن وكبّوشيين في العَقد الثّاني من القرن العشرين.

ولمّا كان المُهجَّرون البولونيّون من بلادهم في الحرب العالمية الثّانية  قد استوطن قِسمٌ كبير مِنهم غزير، فقد وَضَعوا في العام 1947، لوحةً تذكارية على مدخل الدّير تخليداً للشّاعر البولونيّ الكبير جول سلواكي الّذي كتب فيه سنة 1837 قِصيدةً جاءت في كتابٍ كامِل، تُعَدّ من روائع الشّعر في الأدب البولونيّ عنوانها "أنهللي" . 

وفي العِشرينيّات من القرن الماضي، أصبح الدّير مِهجوراً، قبل أن يشتريه السّيّد إسطفان مَسّوح مع الأراضي المُحيطة به، ثم ما لَبِث أن طَرَحَه للبيع فتقدَّم كثيرون لشِرائه، ولكنَّ الصّفقة رَسَت على الرّهبانيّة اللّبنانيّة في عهد رئيسها العام الأباتي بولس نعمان، وذلك في 11 تشرين الأوّل 1981، فَجَعلته مَركزاً لرئاستها العامَة.

ما يلفت النّظر في هذه الكنيسة، علاوة عن زخرفتها الفريدة، ثلاث لوحات زيتيّة، تزيّن صدر الكنيسة من عمل رسّامين أرمن وتعود إلى القرن التّاسع عشر.

اللّوحة الأولى تعلو المذبح ويبدو فيها مار أنطونيوس البادواني ساجداً أمام العذراء محاطاً بملائكة وفي الأسفل كتاب دوّنت عليه كتابة بالأرمنيّة والعربيّة مفادها:

"من كانت عنده وصايا وحفظها ذاك، هو الّذي يحبّني والّذي يحبّني يحبّه أبي وأنا أحبّه وأظهر له ذاتي".

اللّوحة الثّانية قائمة على يمين المذبح للقدّيس غريغوريوس المستنير ، أوّل رئيس رسميّ للكنيسة الرّسوليّة الأرمنيّة. يعود إليه الفضل في تحويل أرمينيا من الوثنيّة إلى المسيحيّة لتصبح الدولة الأولى الّتي اعتمدت المسيحيّة كدين رسميّ لها. كما تظهر في اللّوحة مخطوطة كتبت باللّغة الأرمنيّة وهي عبارة عن قانون الإيمان.

واللّوحة الثّالثة قائمة على يسار المذبح ترمز إلى بشارة السّيّدة العذراء من قبل الملاك، مع مخطوطة باللّغة الأرمنيّة كتب عليها ما معناه "أنتِ تحملين، وتلدين ابنًا، وتسمّينه يسوع."

يُذكَر أنّ جَرس قِبَّة الدّير من عَمل أنطون مِنعم وأولاده من مزرعة يشوع – المتن عام  1948، وقد حلّ بديلاً عن الجَرس الأساسيّ الّذي جَلَبَه الرّهبان الأرمن من مَنطقة كيليكيا.

أُدرِجَ على خارطة السياحة الدينية في العام 2024

 

Location: https://goo.gl/maps/ZDGhimuARJ6zKdnn7

Video: https://youtu.be/d06pNCCZKKI?si=pVTUsfYAtW-OIrUe

وثائقي عن الكتابات واللوحات التاريخية في بلدة غزير- الجزء الثالث - دير مار مطانيوس خَشْبَو