تعتبر مدينة جبيل من أشهر المواقع الأثريّة في المنطقة ومن أقدم المدن في العالم، و هي من بين المواقع القليلة الّتي استمرّت منذ إنشائها حتّى اليوم، وتُعتبر أيضًا من المواقع التّاريخيّة النّادرة الّتي تعتبر مقرًّا لحضارات عدّة ومختلفة، إذ تختصر في شواهدها الأثرية نحو 8 آلاف عام من التّاريخ
تبعد جبيل حوالي 40 كلم شمالًا عن العاصمة بيروت، وتقع على مرتفع صخريّ، يحيط به من الشّمال والجنوب منخفضان يفضي كل منهما الى خليج طبيعيّ، ممّا جعل منها مرفأً تجاريًّا مهمًّا. فقد اشتهرت بصناعة السّفن الفينيقيّة، وتصدير خشب الأرز، وبعلاقاتها التّجارية الوطيدة مع مصر... واشتهرت أيضاً بالحروف الأبجديّة الفينيقيّة، الّتي صدّرتها نحو العالم. إعتبرها المصريّون بوّابة بلاد الآلهة، كما أدرجت من قبل منظّمة اليونسكو على لائحة التّراث العالميّ سنة 1984.
سكن الإنسان جبيل منذ نحو 6000 سنة قبل الميلاد. ومن أولى التّسميات المعروفة للموقع هي جِبَلْ أو جُبَل، ذُكرت في النّصوص البابليّة... أمّا الإغريق، فقد أطلقوا على الموقع اسم "بيبلوس" نسبة الى ورق البردى الّذي كانت تزوّدهم به جبيل لصناعة كتبهم (Byblia) .
مِن أبرز معالمها القلعة الّتي تعاقبت عليها شعوب مختلفة وحضارات عدّة. بناها الصّليبيّون في القرن الثّاني عشر الميلاديّ على أساس قلعة فارسيّة قديمة (550 -330 ق.م) ما تزال جدرانها قائمة إلى جانب السّور القديم، ما يدلُّ على الدّور الّذي لعبته جبيل على خارطة النّظام الدّفاعي الفارسيّ في شرقي المتوسّط. وفي عام 1188 قام صلاح الدّين الأيّوبي بالسّيطرة على المدينة ، وفي العام 1197، تمّ الاستيلاء عليها من قبل الصّليبيّين، وتمّ إعادة بناء حصون القلعة. تتميّز القلعة بتصاميمها الهندسيّة الّتي تمزج بين الفنون المعماريّة الأوروبيّة القديمة والفنون الفارسيّة.