تعود كنيسة القدّيسة برباره في بلدة برغون قضاء الكورة إلى زمن الصّليبيّين، وهي تابعة لدير البلمند. مَدخلها من الجِهة الغربية، وهي ذات سوق واحِد معقود وحَنيَّة مُكوَّرَة. الكنيسة حاليًّا شبه مهدّمة، لم يبق منها سوى جدارين يحدّانها شمالًا وجنوبًا، وحنية تضمُّ جدارية للعذراء مريم فاتحة ذراعيها وكأنّها تتضرّع (الساعدان والكفّان غير ظاهرين) بثوبها الأزرق رمز العالم السماويّ، ومعطف أحمر يتدلّى فوق كتفيها للدّلالة على صفتها الملكيّة، وهي تحتَضِن ميداليّة تبرز صورة نصفيّة للطفل يسوع.
بالعودة إلى القديسة بربارة، فهي وُلدت في أوائل القرن الثّالث للمسيح. والدها ذيوسقورس، رجلٌ غنيّ، صاحب جاه وكرامة لكنّه حادّ الطّباع، وثنيّ ويكره المسيحيّين. والدتها ماتت وهي لم تزل طفلة صغيرة. كانت بربارة الابنة الوحيدة لذيوسقورس، ولأنّها كانت جميلة وذكيّة، خاف والدها عليها وأبقاها في قصر عالي الأسوار، بناه خصّيصًا لها، وأحضر لها أساتذة ليعلّموها علوم العصر فتنشأ على حبّ آلهتهم، ووضع لها خدّامًا وحرّاسًا. كان أحد خدّامها مسيحيًّا، أخبرها عن الدّيانة المسيحيّة وشرح لها الكتاب المقدّس، حتّى صارت ترى تلك الأصنام حجارة صمّاء لا حياة لها، وراحت تبحث عن الإله الحقيقيّ فوجدته في يسوع المسيح وآمنت به واعتمدت وتناولت جسد الرّب. علم والدها فغضب غضبًا شديدًا وأراد أن يقتلها فهربت. لكنّ الوالي مركيانوس أمر بملاحقتها فقبض حرّاسه عليها، جلدوها، عذّبوها وسجنوها. وفي كلّ مرّة كانت جروحها تشفى فتقول "إنّ الّذي شفاني هو الرّب يسوع المسيح". حكم الوالي بأن يطوفوا بها عارية في الشّوارع، تضرّعت بربارة إلى الرّب ليخلّصها من هذا العقاب، فأضاء حولها نور بهر العيون وستر جسدها. خاف الحاكم فأمر بقطع رأسها، وتطوّع والدها للمهمّة. أنزل اللّه غضبه على الحاكم وعلى والد بربارة فأصابتهما صاعقة أحرقتهما. ذاع صيت بربارة بين النّاس وكثرت عجائبها وشُيّدت على اسمها كنائس كثيرة، ضمّ لبنان عددًا منها على مختلف أراضيه، من قنوبين، إلى برغون ورأس مسقا الجنوبية وكوسبا وبلوزا، حتّى زغرتا وزحلة وبعلبك وجزين وغيرها...