يقع دير مار ساسين في بلدة بسكنتا على علو 1300 متراً. بُنيَ في العام 1700، وكرّسَ كنيسته البطريرك يوسف عواد (1705-1733) سنة 1715. أقدَم صك محفوظ في سجلات الدير يعود تاريخه الى سنة 1729، أوقف فيه القسّ عطالله علم البسكنتاوي كل ما يملك لدير مار ساسين، وقد نُقِشَ على لوحةٍ فوق مدخل كنيسة الدير: "خلص عمار هذا الدير المبارك على اسم القديس ساسين 1751 مسيحية".
تسلمته الرهبانية اللبنانية سنة 1754، هبة من أمراء بيت فارس أبي اللمع، من الطائفة الدرزية، وفي سنة 1756، جرت مقايضة بين المطران يواصاف الدبسي البسكنتاوي والرهبانية اللبنانية المارونية، فقدّم المطران الى الرهبانية دير مار مخايل – بنابيل، وتنازلت الأخيرة للمطران عن دير مار ساسين، وعندما توفي المطران الدبسي سنة 1769، عادت ملكية دير مار ساسين مُجدداً الى الرهبانية.
استقبل الدير أولى طالبات الترهّب سنة 1722، وهو الثاني بعد دير مار الياس الراس، لراهبات الرهبانية اللبنانية المارونية. رُمِّم الدير سنة 1833، وأعيد ترميمه أكثر من مرة، وفي سنة 1996 أضيف اليه طابقٌ علويّ.
تتميّز حياة الراهبات في هذا الدير بطابع العزلة والصمت والصلاة، والنسك والتقشّف، وتحمُّل قساوة مناخ صنين...إستمرت الحياة في هذا الدير بين تألقٍ و انحسار، ومرّت على الدير صعوبات ونكبات عديدة من سوء أحوال جوية و مادية، ودمار سببته أحداث القرن الماضي... تهتم الراهبات بالعمل اليدوي والزراعي والإجتماعي، إضافة الى إدارة مدرسة مهنية للخياطة، ومستوصفٍ ومختبرٍخيري.
يُحتفظ في حنايا مزار القديس مار أنطونيوس البادواني، المُلاصق لكنيسة الدير، برفاة خادم الله الأب العام مبارك حلَيحِل الحاج (1779-1864)، الذي أجرى الله على يديه نعماً كثيرة في حياته وبعد مماته.
بالعودة الى القديس ساسين، فقد كان أسقفاً على مدينة كوزيكس، فقبض حاكمها عليه، فاعترف بإيمانه بكل جرأة. غضب الحاكم وأمره بأن يضحّي للأصنام، فأبى وأخذ يبين فساد العبادة الوثنية وخرافاتها، وبأنّ الديانة المسيحية هي الديانة الحقة. استشاط الحاكم غيظاً وأمر بعذابه، فشدّوه الى خيلٍ غير مرَوضَة، حتى تهشم جسمه، ثم جلدوه جلداً قاسياً، وهو صابر ثابت في إيمانه، وألقوه في السجن مُغلّلاً بقيودٍ من حديد. ولمّا تولّى الحكم الملك قسطنطين الكبير، ونصر الكنيسة وحرَّرها من الاضطهاد، أطلق سبيل الأسقف القديس وأرجعه الى كرسيه، ولمّا ظهرت بدعة أريوس، وانعقد المجمع النيقاوي الأول سنة 325، أخذ المطران ساسين يُجادل الأريوسيين ويغلبهم ببراهينه المُثبَتَة ، ثم عاد الى كرسيه يذيع تعليم المجمع النيقاوي.
كان غلايوس عدواً لقسطنطين والمسيحيين، فقبض على الأسقف وأنزل به أشدَّ العذابات، حتى انتهت حياتُه بقطع رأسه، نحو سنة 328. تحتفل الكنيسة بعيده في الثالث وعشرين من شهر تشرين الثاني.
من كتاب "أضواء رهبانية" – الكسليك - 1998