دير سيّدة النوريّة - حامات

حامات هي قَرية من قُرى قضاء البترون، تَرتَفِع عن سَطح البَحر بِمُعدّل 200 متراً، وتَبعُد عن العاصمة بيروت، مسافة 60 كيلومتراً، و10 كلم عن البترون مركز القضاء

 

من أشهر مَعالِمِها الدينية والسياحية، هو دَير سَيّدة النوريّة الذي يَقَع في مَنطقة رأس الشَقعة، على جرف صَخري حاد قُبالة الشاطىء، والذي يتبع لمُطرانية جبيل والبترون الأرثوذكسية. تأسَّس الدير القديم في القرن السادِس على يَد المُتوَحِّد عبد المسيح الأنفي اللبناني والمُبتدئ يوحنّا كسانوفون أحد أبناء الوجهاء اليونانيين، بِطَلَب من العذراء مَريم، وذلك بعد أن نَجا يوحنّا من الغَرَق أمام شاطئ رأس الَشقعة، بفَضل أمّ النّور

  

وفي تَفاصيل الحادِثة أن عَبد المَسيح بَينما كان مُتوجهاً الى دَير القِديس سابا في بيت المَقدِس، لفت انتباهه نور يَشِعُّ من مغارة في شير رأس الشَقعَة، وإمرأة تَحمِل طِفلاً، تومِىء اليه بالإلتفات الى البَحر،  فتفاجأ  لمّا رأى شاباً عائماً على خَشَبة يَتَخَبَّط مع الأمواج، فَهَمَّ وأنقذه

  

قال له الشاب: "ساعِدني لِكَي أصِل إلى المرأة المَوجودة في المَغارة المُقابِلة"

والتي أسمَعُها تَقولُ لي: لا تَخَف يا ولدي، أنا مَعك

 

فأجابه عبد المسيح: "إنها العذراء مريم"، وهكذا كان، فصَعِدا الى المَغارة وسَجدا لها

 ومن حينه، سُمِّيَ الدير ب "دير سيّدة المُنيرَة" لأن العذراء مَريم، كانَت تُنير مَنطقة "رأس الشَقعَة" لتنبيه البَحَّارة من سوء حالة  الطَقس وانعدِام الرؤيا لتفادي صُخور المَنطقة

  

وفي العام 1890، بَنى مُطـران بيروت وجبل لبنان غُفرائيل شاتيلا الدِمشقي، ديراً جديداً بالقرب من الدير القديم، مُطلِقاً عليه اسم دَير سيّدة النوريّة، وذلك قبل انفصال المُطرانيتين في العام  1901. أمّا كَلِمة "نوريّة"، فتَعني العَطايا التي تُقَدَّم الى الكهنة عندما يزورون في عيد الغطاس بيوت المؤمنين لِتَكريسها

 

كنيسة الدير مُكَرَّسَة على بشارة العذراء مريم من قبل الملاك جبرائيل. فهي  تتألف من صَحن واحد، مع إيقونسطـــــــاز من الرخام ، وتَضُّمُ مَجموعَةً من الأيقونات مُستوحاة من النَمط البيزنطـي والطِـــراز الروسي، تَعود كلّها الى القَرن العِشريـن

الى جانبَي المَدخل الرّئيسيّ أيقونتان لسَيّدة النوريّة، وعن يمين الباب الملوكيّ ويساره رُفعت أيقونتان للمَسيح ولِلعذراء مَريم، كما هو مَعروف تَقليداً، وعلى جدران الكنيسة أيقونات عديدة، منها أيقونة الصّلب، وأيقونة العذراء الجالسة على العَرش حامِلةً يسوع المَسيح بين ذِراعيها، وأخرى لرُقاد السّيّدة العذراء، تُصوّر سَرير العَذراء في الوَسط، فوقه المَسيح حامِلاً روحَها إلى السّماء، ويقف إلى يمينها ويسارها كلّ من القدّيسين بطرس وبولس

 

توجد في الدير أربع نُسَخ من أيقونة النوريّة، إثنتان في الكنيسة، وأخريان في المغارة. تظهِرُ الأيقونة العذراء مريم مُرتَديَة رِداءاً أحمَر فوق ثَوبها الأزرق، حامِلةً الطِفل يَسوع رافعاً يَده اليُسرى، مُباركاً بالأشعّة المُضيئة من هالتِهِما، وفي أسفَل الأيقونة، غيومٌ سوداء وأمواجٌ عاتية، وبَحَّارة يواجِهون خَطَر المَوت... والعذراء بِنورها تُهديهِم الى بَرّ الأمان

Location