مَمَرّ روماني - العاقورة

كَتب كثيرٌ من المؤرخين عن طريق القوافِل "أو درجة سمعان" في العاقورة، وكُلُّهم أكّدوا بأن الأمبراطور الروماني دوميسيانوس قيصر، هو من أمر في القرن الأول ميلادي، بِفَتح طريق شَرقي البلدة المَذكورة، تَصِلُ بيبلوس (جبيل) بهيليوبوليس (بعلبك)، مُروراً بجبّة المُنيطرة واليَمّونة. تبدأ هذه الطريق من قُرب كنيسة مار سمعان العمودي بدرجٍ محفورٍ في الصخر، لذا أطلقت عليها تسمية "درجة سمعان". وقدّ أرّخَها الأمبراطور هذه الطريق، بِكتابةٍ حُفِرَت في بِداية الطريق على صَخرةٍ مُطِلّة، ما زالت صامِدة ليومِنا هذا، حيثُ يُقرأ بصعوبة:

IMP DOMITIANI  AVG  S.V.T.

 

لَكنَّه تبيّن لعُلماء الآثار الذين دَرَسوا هذه الطريق فيما بعد، أنها كانت مَوجودة قبل العَهدَين الروماني واليوناني، وإنها سَبقت العُهود الآشورية والبابلية، ويُضيف هؤلاء العُلماء، أن هذه الطريق شقَّها الفينيقيون لسَببين هامَيّن: الأول هو إيجاد مَنفذ تمُرّ به القوافل التِجارية القادِمة من الشَرق الى فينيقيا، ولهذا كانَت العاقورة في الأزمان السَبعة سوقاً عالمية للتجارة، أما السَبَب الثاني، فكان لمُرور الحُجّاج والمُحتفلين بطقوس أدونيس، الى بُحيرة اليمّونة للتَّطهير. لذلك يَعتقدون أن طريق العاقورة- اليمّونة، هي أقدم طريق شُقّت في سفوح جبال لبنان. وتَبَيّن لهُم أيضاً أن الجيوش الأشورية ومن بعدِها الجيوش البابلية، كانت تزحف الى لبنان من خلال هذه الطريق، نحو نهر الكلب ومن هناك الى مُدُن بيروت، صيدا، وصور...

في العام 1861 كان الرحّالة الفرنسي إرنست رنان(1892-1823)، أوّل من ذَكر بأن الكتابة المَحفورَة على الصَخر، تُشير الى الأمبراطور الروماني دوميسيانوس، وتلاه كذلك الباحث الإنكليزي راندل هاريس (1941-1852) بعد حوالي ثلاثين عاماً، رغم أن العديد من المُستكشفين كانوا قد مرّوا في تلك الطريق... أضاف إرنست رنان في كتابه "مهمة فينيقيا" 1864، أنها من أقدم طُرقات الدنيا، مُستنداً الى كَثرة الكتابات الهيروغليفية والفينيقية والأشورية واليونانية والرومانية المَوجودة على جانبي الطريق المؤدية من العاقورة الى اليمّونة، والتي تُقَدّر بأربع ساعات سَيراً على الأقدام. من هذه الكِتابات ما وُجِد على مقرُبة من "عين العصافير" في الجرد، حيث قال: "هذه الأحرُف تُشبه أحرُفاً فينيقية وليست بفينيقية، وتُشبه حُروفاً آشورية وليسَت بآشورية...". ومن المؤكد أن الرحّالة الذين مَرّوا قبلاً في الطريق، قد أهملوا تلك الكتابات اعتقاداً منهم بأنها نقوشاً تعود لرُعاة الماشية...

لاحقاً اكتُشِفَ مَدى أهمية تلك الكتابات، عندما تَبيّن وجود نقوشٍ مُماثلة في بابل، واسمها آراميّ، ويعني "واحة راحةٍ واطمئنان".

 

 

 

 

 

Location: https://goo.gl/maps/ExA4ovN6YAPY1TAy7