يَروي المُطران ناصِر الجميّل، عن دير سيّدة البشارة - بَقلوش في ساحِل علما، في كِتابه "وثائِق رهبانية" -الجزء الثاني- ما يلي: "يَعود إنشاء دير بَقلوش – ساحِل علما الى العام 1780، يوم أوقَفَ الشَيخ ميلان ضِرغام الخازن، إبن البطريرك يوسف ضِرغام، بَطريرك "المَجمَع اللبناني"، كُلَّ ما يَملُكَه لإنشاء ديرٍ على إسم السيّدة العذراء في مَنطقة بَقلوش...". لكنَّ المَنيَة أدرَكته في العام 1781، قبل إتمام مَشروعه، فأتمَّ البِناء، إبن عَمَّه الخوري يوسف شَرف إبن كِسروان الخازن، في العام 1783. إتَخَذَه المُطران أنطون الخازن (1770-1858)، مقراً لأبرَشيَّة بَعلبك، مُضيفاً اليه أبنيةً جديدةًً. ومِن الآثار الطيّبة التي شَهِدَها الدّير، هو أنَّ الخوري يوحنّا الحلو، البطريرك لاحقاً (1809-1823)، زار الدَير بتاريخ الحادي عشر من شهر تشرين الأول من العام 1785، واحتفل بالقداس الإلهي في اليوم التالي، إستناداً الى مُذكراته..
وِفقاً لوَصيَّة الشيخ ميلان، كان الهَدَف من تأسيس الدّير، إيواء الفَتَيات الراغِبات في الانضِمام الى الحَياة الرُهبانية. وفي العام 1818، خُصِّصَ الدّير للراهِبات المُحَصَّنات، من جُملة الأديرة السِتّة التي خُصِّصَت للنِساء، وذلك مِمّا جاء في ضِمن مُقَرَّرات مَجمَع اللويزة الثاني. تلك الرَّاهِبَات المُحَصَّنَات، كُنَّ يخضَعنَ مُباشَرةً لسلطة مُطران أبرَشيَّة بعلبك، وكانت لَهُنَّ قَوَانِين صَارِمَة، فَرَضَت عَلَيهنَّ حَيَاة تَأَمُّلّ وَتَقَشُّف وصَلوات، إلَى غَيرِ ذَلِكَ مِن الإلزَامات والمَمنوعَات... وبَعدَ إنحِسار الدَعَوات النِسائية، هُجِرَ الدّير، وتَداعَت أبنيته، ولم يَبقَ مِنه إلا كَنيسته المَعقودة، التي ما زالت قائمة لتاريخه مَقصَداً للمُؤمنين. يُذكَر أنَّه من ضُمنِ أراضي الدير الزراعية الشاسعة، كان هنالك طاحون وياتون...
وقد كان الخوري يوسف شَرَف، قد خَلَّدَ تاريخ التأسيس على لَوحَة رُخامية عُلَّقَت، فوقَ باب الكَنيسة وتَحمِل الكِتابة التالية:
"قد بَنى هذا المَقام لمَريَم سَيّدة الأنام
من مالِه، الحاج ميلان إبن البطريرك يوسف
إبن أبي قانصوه الخازن، راجياً بشَفاعَتِها
الأجِر المُؤبَّد والمَجد.
المُعتني بكَماله الخوري يوسف شرف الخازن سنة 1781".
كذلك يوجَد لَوحَة رخامية أخرى فوق باب المَدخَل، مُثَبَتَة عن يسار لوحة تأسيس الدير، تعود الى العام 1780، غير مقروؤة، تُؤَرِّخ وفاة أحد الخازنيين. أمّا في داخل الكَنيسة، فَتوجَد لَوحة زيتية للمُطران أنطون نَوفَل حُصن الخازن، الذي دُفِنَ في الدَّير، والتي دامَت أسقُفيتَهُ إثنين وخمسين عاماً، بالإضافة الى لَوحَة رُخامية، تُؤرِّخ وفاته، حيثُ نقراء:
بُعدَ الدار لَيسَ فيها قرارٌ من حلها حَلَّت به الأقدارُ
وقعت بأنطون المَنيَّة حَبرِنا مَن مُجِّدَت بقنوته الأحبارُ
يا خازنيّون كذا حال الملا يُقضى ويبقى الذكرُ والأخبارُ
كُفَّ البكا يا صاح ارخ قصا نحو السَما وصانَه الغفّارُ
18 شباط 1858
يُذكَر أنه بتاريخ 22 تشرين الثاني 2011، وبِجِوار الدير، عُثر على جُثَّة الشابة ميريام الأشقر 28عاما، من أهالي ساحِل علما، مَرميَة ومُضرَجَة بالدِماء، ليَتَبَيَّن في ما بَعد أن نازِحاً سورياً، يَقطُن الدير المَهجور، هو من قَتَلَها في اليوم السابق، بعد أن حاول اغتصابَها. وكانت ميريام قد اعتادت أن تزور كنيسة سيّدة البِشارة في الدير بصورة دَورية...