مغارة قانا الجليل

تقع قانا الجليل في محافظة الجنوب قضاء صور على ارتفاع 300م عن سطح البحر، وتبعد 95 كيلومتراً عن العاصمة بيروت، و13 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة صور مركز المحافظة، وتبلغ مساحتها حوالي 11 كليومتراً مربّعاً. يحُدُّها من الشرق دير عامص ومن الشمال عيتيت، ومن الغرب حناويه أمّا جنوباً فتَحُدُّها صدّيقين. تضُمُّ قانا الجليل أحياء كثيرة منها: حارة الفوقا، حارة التحتا، حيّ السّيّدة صالحة، حيّ البركة، حيّ المحافر، حيّ الجامع الشرقي، حارة مار يوسف، حيّ الحافور، حيّ الوارداني، حيّ الخشنة، حيّ الماصية، حيّ الحمارة، الخريبة، ويوجد في أعلى البلدة مقامٌ مُقَدَّس لوليٍّ بإسم النبي الجليل.

 

بقيت قانا الجليل غير معروفة من الباحثين حتّى القرن التاسع عشر، وقد فسَّر ذلك الباحث إدوارد روبنسون بقوله: «كانت المنطقة المُمتَدَّة أمامنا الى الغرب وحتى زمن حديث «أرضاً مجهولة»، فلا طرقات فيها لأيّ اتّجاه سوى على الساحل، ولهذا كان القليل من السائحين هم الّذين اخترقوها." 

 

كذلك أكًّد كارل ريتر بقوله: «كان روبنسون الوحيد الّذي عرف الجانب الشرقي من الجليل حتّى ضفاف الأردن الغربيّة والى الطريق المعتاد الّذي يمتدّ من صفد الى الشمال الغربيّ مروراً بالجشّ وبنت جبيل وتبنين وقانا وصولاً الى صور. وفي الجانب الغربيّ كان الرحالة كلّهم ومنذ زمن ريتشارد بوكوك (1737) يسلكون طريق الشاطئ عبر السهل الممتدّ من عكّا الى صور؛ ولم يَخطُر لأحد بالتوغل داخل المنطقة الجبليّة للجليل». وهنالك وثائق وكتابات للمؤرّخ اليونانيّ أوزابيوس في كتابه «التاريخ الكنسيّ» الّذي يعود الى العام 325م، تُشير الى أن قانا الجليل تبعد 50 كلم عن صيدا وتقع في وادي عاشور (نسبة الى الإله آشور الكنعانيّ)، إضافةً الى كتابات للقدّيس جيروم باللّاتينيّة يُذكر فيها أن قانا الجليل تقع جنوب شرقي منطقة صيدا. ويؤكّد الأب الدكتور يوسف يمين في كتابه "قانا الجليل في لبنان" أن قانا الواردة في الإنجيل، هي قانا قضاء صور. 

 

وعلى تلّةٍ في البلدة تُطِّلُ على وادي أشور وتُعرَف بصخور "الخشنة" تقع مغارة قانا وبمحيطها منحوتات ضخمة منقوشة على الصخور تعود الى العصور الأولى من الحقبة الرومانيّة. عُثِرَ في المغارة ومحيطها على أدواتٍ تعود الى عصور ما قبل التاريخ، مما يُؤكّد أن المكان كان مأهولاً. وشكَّلت تلك المغارة المعروفة بمغارة الدلّافة، ملجأً للمسيحيّين الّذين هربوا من الاضّطهاد، وعلى الأرجح أنّهم من نقشوا الصخور.. حيثُ توجد في محيط المغارة 35 منحوتة لأشخاص إضافة الى 18 لوحة نذور. كانت تلك الصخور بمثابة الأيقونات المسيحيّة الأولى، ويُمثّل بعضها أشخاصاً يتضرّعون. كذلك يوجد نقشٌ يُدعى "العروس" لامرأة برداء ذات نمطٍ رومانيّ. وعلى صخرة ضخمة متناسقة منفردة، نحتٌ لتماثيل جنباً الى جنب، تُمثِّل السيد المسيح مع هالةٍ على رأسه وهو يتوسّط تلاميذه الاثنيّ عشر. ومع مرور الزمن زالت ملامح النقوش، وبقيت الأشكال. وهناك نقوش أخرى تمثّل ميلاد الطفل يسوع في المهد، وصفحة من الكتاب المقدس. 

يحافظ أهالي قانا الجليل على معتقدات قديمة تؤكّد الشخصيّة التاريخيّة لبلدتهم ودورها في نشأة المسيحيّة، باعتبارها المكان الّذي جرت فيه أولى معجزات السيّد المسيح في حفلة العرس. كذلك أصبحت المغارة الّتي تقع في منطقة الخشنة، محجًّا، يقصدها الأهالي للتبرّك من مياها؛ ومن تقاليدهم أيضًا التبرّك من أوراق الأشجار في البلدة، كونهم يؤمنون بأنّها نبتت حيث مرّ يسوع مع تلامذته.

 

Location: https://goo.gl/maps/62q2Pf2mJLRcHitG8

https://youtu.be/BQWbWKCFlwU